(وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ ما لا يَرْجُونَ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) ١٠٤.
لقد نزلت هذه الآية وثانية في آل عمران بشأن جرحى الحرب عند الهزيمة العظيمة في أحد تأمرهم بملاحقة المشركين دون أي وهن هو طبيعة حال الانهزام (١).
فأنتم المناضلون الجرحى المفروضة عليكم الصلاة على تخوف في أرض المعركة ، لا تفتكروا أن الصلاة والهزيمة تسمحان لكم أن تهنوا في ابتغاء القوم (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ) على أية حال ـ صلاة وغير صلاة ـ على جراح وغير جراح :
(وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (٣ : ١٤٠) وحين لا يجوز الوهن في ابتغاء القوم وأنتم جرحى فبأحرى وأنتم أصحاء ، حكم صارم غير محصور بحالة ولا محسور ، ولا هو مقيد بشأن النزول.
ولماذا تهنون في ابتغاء القوم والألم في النضال شرع سواء بينكم ولكم فضل القوة الروحية عليهم (وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ ما لا يَرْجُونَ) ومن ثم قوة الله العليم
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٥٤٦ في تفسير القمي أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لما رجع من وقعة أحد ودخل المدينة نزل عليه جبرئيل (عليه السّلام) فقال : يا محمد ان الله يأمرك أن تخرج في أثر القوم ولا يخرج معك إلا من به جراحة فأمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مناديا ينادي : يا معشر المهاجرين والأنصار من كانت به جراحة فليخرج ومن لم يكن به جراحة فليقم فأقبلوا يضمدون جراحاتهم ويداوونها وأنزل الله على نبيه (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ) ... فقال عز وجل : (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ ..).