صحيح أن في لفظ القرآن سبلا وسبيلا بين حق وباطل ، ولكن السبيل الحق لم تضف في سائر مواضعها إلّا الى الله (١) دون الرسول ولا مرة يتيمة ، فهنا (سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) لا تعني إلّا سبيل الإيمان المشتركة بين الرسول والمؤمنين ، فهي ـ إذا ـ سبيل الله لا سواه.
ولا تعني «سبيل الله» سبيلا الى الله ولا سبيلا في الله ، بل هي سبيل من الله سبّلها للسالكين الى الله صراطا مستقيما : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) (٦ : ١٥٣).
فكما الرسول على محتده الرسالي ليس ليسبّل سبيلا للمرسل إليهم حيث الشارع المسبّل هو الله لا سواه ، كذلك ـ وبأحرى ـ ليس للمؤمنين أن يسبّلوا سبيلا لأنفسهم دون سبيل الله ، فإنه مشاقة لله ، فإنما سبيل المؤمنين هي السبيل التي سبّلها الله لهم كما سبلها في البدء للرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
فإضافة السبيل الى الله هي بتقدير «من» حيث تعني أنها من الله ، ثم إضافتها هنا الى المؤمنين هي بتقدير اللام ، فإنها سبيل للمؤمنين من الله.
فمشاقة الرسول بعد تبين هداه الرسالية والرسولية مشاقة لله وهي إشراك به لا تغفر :
(إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (١١٦) إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِناثاً وَإِنْ يَدْعُونَ
__________________
(١). وهي مذكورة في ١١٦ موضعا من القرآن.