(الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) ١٤١.
هؤلاء المنافقون المصلحيون (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ) سجال الحرب (فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ) وهم أولاء غير فاتحين ولا متفتحين معكم في جبهات القتال (قالُوا أَ(١) لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ) في الإيمان.
إذا فلنا نصيب من غنيمة الفتح كما لكم نصيب (وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ) من الحرب وليس فتحا أيا كان ، ولا من الله تأييدا لهم «قالوا» لهم (أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ) استحفاظا لغلبكم عليهم (وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) بما كنّا نوصلكم من أخبارهم منعة لكم عن أوضارهم؟.
وذلك من لقاء النفاق العارم ، أنهم يلقون كلّا من المؤمنين والمنافقين بوجه إمساكا للعصا من وسطها ، وتلوّيا وتلوّنا كالديدان والثعابين مذبذبين بين ذلك لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء ، انتفاعا من الجانبين وتحذّرا عن بأس الجانبين.
ففي فتح المؤمنين (أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ) معية بقلوبنا ، أم ومعية في نفس المعركة ، فقد كانوا يخرجون إليها أحيانا تخلخلا للصفوف وإظهارا للوجود فيها مع كل حائطة على أنفسهم كيلا يقتلوا أو يصابوا بشيء.
وفي نصيب الكافرين (أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ) أن غلبناكم من ذي قبل (وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) حيث آزرناكم ووازرناكم بحمى ظهوركم وتخذيل المؤمنين لصالحكم إذ تخللنا في صفوفهم لصالحكم والتجسّس والتحسّس لكم ، حيث الاستحواذ هو الغلبة ، وقد تعني ـ فيما عنت ـ أن البعض منكم هممتم الدخول في الإسلام ونحن حذّرناكم عنه فغلبناكم على ما وهمتم فغلبتم عليهم ، فهاتوا نصيبنا من غلبكم عليهم لأن لنا شطرا من ذلك الغلب.