فأضلهم الله بأن ذبذبهم (فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) حيث أذاقهم الله وبال أمرهم.
ذلك والذبذبة بين الحق والباطل هي نفاق عارم على أية حال ، مهما تسربت الى بعض المؤمنين البسطاء دون الفضلاء والوسطاء.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً) ١٤٤.
لقد كان للأنصار بالمدينة في بني قريظة رضاع وحلف ومودة فقالوا لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من نتولى؟ فقال : المهاجرين ، فنزلت الآية (١).
و «الكافرين» هنا تعم المنافقين وسائر الكافرين بل هم أولاء أكفر منهم وأضل سبيلا لتجسسهم في نفاقهم على المؤمنين واضلالهم بسطاءهم في عشرتهم اللئيمة.
فاتّخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين هو اتخاذ للشيطان وليا من دون الله وهذا سلطان مبين لله على هؤلاء.
(إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً) ١٤٥.
الدرك هو الهابط كما الدرج هو الصاعد ، فكما للجنة درجات حسب درجات المؤمنين ، كذلك للنار دركات حسب دركات الكافرين : (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) (١٥ : ٤٤) وقد تكون أبوابها عمودية فوق بعض فأسفلها هو الدرك الأسفل فلأن (لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) فليست النار فسحة واحدة فإن مختلف أبواب فسحة واحدة لا تخلّف مختلف العذاب ، فهي ـ إذا ـ أبواب سبعة سفل بعض أسفلها جحيم المنافقين ، فلأن المنافقين هم
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ١١ : ٨٦ والسبب فيه أن الأنصار ...