وهكذا نجد القرآن السّمح كيف يفتح هاتين الصفحتين مواكلة ومناكحة من صفحات السماحة الإسلامية في التعامل مع أهل الكتاب لا سيما العائشين في دار الإسلام.
فليس الإسلام ليكتفي بأن يترك لهم حريتهم الدينية ما لم يناحر حرية الإسلام ، ثم يعتزلهم فيصبحوا في المجتمع الإسلامي مجفوين معزولين أو منبوذين ، فإنما يشملهم بجو من المشاركة الحيوية فيجعل طعامهم حلّا للمسلمين وطعام المسلمين حلّا لهم ، ليتم التزاور والتضايف والمؤاكلة والمشاربة ، وليظل المجتمع كله في ظل ظليل من سماحة الإسلام ، كما ويجعل المحصنات من نساءهم حلا للمسلمين.
وتلك سماحة لم يشعر بها إلّا من عاشوها ، رغم أن الكاثوليكي المسيحي يتحرج من نكاح الأرثوذكسية أو البروتستانتية أو المارونية المسيحية ودينهم واحد ، فلا يقدم على ذلك إلا المتحللون عندهم عن مذهبهم.
ذلك ، وهكذا نجد الحديث عن الطهارة والصلاة بعد إلى جانب الحديث عن الطيبات من الطعام والنساء ، إلى جانب أحكام للصيد والإحرام ومحرمات من الطعام.
وليس ذلك القران المختلف في صورة أجزاءه صدفة تقتضيها سرد الكلام ، إنما هو حكمة في نظم القرآن ونضد في تأليفه القاصد.
ذلك جمع بين طيبات للروح إلى طيبات للجسم ، طيبات شخصية وأخرى جماعة ، ومن ثم فإن أحكام الطهارة والصلاة كأحكام النكاح والطعام
__________________
ـ وفيه عن هارون بن خارجة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن هذه الآية قال : ما اشتق فيه زرارة بن أعين وأبو خليفة.
وفيه عن أصول الكافي عن زرارة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن هذه الآية قال : ترك العمل الذي أقربه ، من ذلك أن يترك الصلاة من غير سقم ولا شغل.