الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلاً) (٣٣ : ٦١).
إذا فإغراء العداوة بين النصارى المتخلفين هو إلصاقها بهم ، فهم إذا لصق العداء فيما بينهم وكانوا هم طول تأريخهم متعادين مع بعضهم البعض ، لا تهدأ فورتهم ضد بعض ، ولا ثورتهم على بعض.
والإلقاء لغويا هو طرح الشيء حيث تلقاه أي تراه ، وعرفيا هو اسم لكل طرح ، وهنا في إغراء العداوة بين النصارى وإلقاءها بين اليهود ـ الذين نسوا حظا مما ذكروا به ـ ما يدل على بقاء لليهود والنصارى إلى يوم القيامة ، فليس كما يقال إن أهل الكتاب يؤمنون زمن المهدي القائم من آل محمد عليهم السلام.
ولكن السيطرة العالمية لهذه الدولة المباركة تضعف سواعدهم فهم ـ إذا ـ من أهل الذمة في دولة الإسلام ، فالمؤمنون منهم يؤمنون والكافرون منهم لا يستطيعون أي سلب أو إيجاب ضد الدولة الإسلامية.
وأقل الإيمان هناك من أهل الكتاب ـ كما فصلنا البحث عنه عند (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) (٤ : ١٥٩) ـ أن يؤمنوا كلهم أن المسيح ليس إلها ولا ابن الله ، ولا أنه صلب ، إزاحة لكافة المعالم الشركية في هذا البين ، وكما تدل عليها آيات بينات ، فالصالحون من أهل الكتاب يؤمنون بهذه الرسالة الأخيرة ، أم ولأقل تقدير لا يعارضونها ، ويستسلمون لحق الرسالة الكتابية عندهم ، ومن ثم هم قد يؤمنون زمن المهدي (ع).
«أما أنهم سيذكرون ذلك الحظ» (١) في هذه الدولة الكريمة اعترافا
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٦٠١ في الكافي عن أبي عبد الله (ع) على ضوء هذه الآية «أما أنهم وسيخرج مع القائم منا عصابة منهم ...».