في شيء منهما لمكان التجرد الطليق لله ، ولا مكان لله حتى يدخل في تسلسل الوجود ، فكل هذه الوحدات مستحيلة فضلا عن الوحدة الشخصية ، بانقلاب الخالق خلقا ، أو انقلاب الخلق خالقا في قوسي النزول الإلهي والصعود الخلقي ، فإن قضية كلّ تجافيه عن كونه وكيانه ، وليس ذلك من الوحدة حيث إن غير المتجافي هو الباقي ، أم بقاءهما فكيف يصبحان واحدا وهو من وحدة النقيضين الذين ليس ليحمل أحدهما الآخر فضلا أن يصبح هو الآخر!.
وهنا رابعة يدعونها لأنفسهم لأنهم هود أو نصارى تشريفا بواسطة التهود والتنصر ، فهذه الرابعة لا تملك امرا إلا البراءة عن عذاب الله إكراما لذلك الإختصاص.
والقرآن يرد على هذه المزعمة الخاوية بحق عزيز والمسيح ، وبحق الهود والنصارى أنفسهم : (قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٦٢ : ٦) حيث كانوا ولا يزالون يدعون اختصاصهم بالله ، فلهم خصيصة القرب إلى الله ما لا يشاركهم فيها سائر الشعوب ، فليس ليعاملهم معاملته مع سائر الشعوب ، فلا يستهين بهم ولا يمس من كرامتهم كمن سواهم من المعاقبين بذنوبهم.
وكذلك النصارى حيث حرروا أنفسهم في ترك واجبات وفعل محرمات بادعاء «أن المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صلب لأجلنا» فقد تحمّل شخصيا بصلبه ولعنه فيه كل لعنات الناموس ، فهم إذا برآء من عذاب الله مهما كثرت خطيئاتهم! ومهما اختلفت جذور ادعاءاتهم في عفوهم عن عذاب الله ، ولكنهم متفقون في ذلك العفو المدّعى وكأنهم من أبناء الله وأخصاءه بأي سبب كان.
فالقرآن ينادي أن عباد الله بجنب الله هم على حد سواء إلّا من يتقربون بمعرفته وعبادته إليه فلهم الزلفى ولهم حسنى الدار ، أو من يتغربون عنه