إذا فمهما كان الوصول إلى الهدي في زمن الفترة الرسولية والتحريفات الرسالية ، صعبا مستصعبا ، فالحجة البالغة الرسالية فيها باقية مهما كانت صعبة الوصول وشديدة الحصول ، فالابتلاءات الربانية ضروب في مختلف الشرايع والمكلفين والأدوار الرسالية ، ولكلّ قدر سعيه ووعيه.
إذا فلا يعني دور الفترة انقطاع الحجة عن بكرتها حتى تكون للناس على الله حجة حيث الغرقي فيها كثيرة في اللجة.
فالضرورة القائمة على مدار زمن التكليف هي ضرورة وجود الحجة الرسالية سواء أكانت معها رسل أم لا ، وضرورة تواتر الرسل قبل الرسالة الأخيرة ، إنما هي للحفاظ على صالح الرسالة المعصومة غير المنحرفة ، فقد عاشت البشرية أدوارا أربعة غير خالية عن حجة ربانية ، ففي تواتر الرسل وتلاحقهم حفاظ على سليم الدعوة الرسولية والرسالية ، لمكان التبيين لكل التحريفات الكتابية بمنطق الوحي.
ثم في زمن الفترة الرسولية عن بكرتها والفترة الرسالية الظاهرة بتحرّف كتب السماء ، كان الله مع هؤلاء الذين آمنوا (فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
ومن ثم في زمن الرسالة الإسلامية ، المنقسمة إلى أدوار ثلاثة ، تجد العصمة الرسالية المتمثلة في القرآن خالدة على مدار الزمن الإسلامي إلى يوم الدين ، مهما اختلفت صور القيادة الرسولية ، عصمة زمن الرسول (ص) وسائر المعصومين عليهم السلام ، وتالية تلو العصمة زمن الغيبة الكبرى ، حيث المدار الأصيل في كل هذه الأدوار الثلاثة هو الثقل الأكبر : القرآن العظيم.
فأين فترة الحجة الربانية عن بكرتها في أيّ دور من أدوار زمن التكليف؟.