زادت بإضافة الحجة الرسولية ، أم نقصت بتحرّف الحجة الرسالية ، ولكن أصل الحجة الممكن الوصول إليها محفوظ على مدارات الزمن الرسالي بأسرها دونما استثناء ، مهما كان في الرسالة الأخيرة «إنفاذ أمره ، وإنهاء عذره وتقديم نذره» (الخطبة ٨١ / ١ / ١٢٦) ف «أوصيكم بتقوى الله الذي أعذر بما أنذر ، واحتج بما نهج وحذركم عدوا نفذ في الصدور خفيا» (٨٨١ / ٢ / ١٤٥) ..
وهنا (أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ) قطع لعذر عدم القوة في البشارة والنذارة لمكان الفترة الرسولية والتحرف الرسالي في هذه الفترة ، فبقاء هذه الفترة هو إبقاء لقاصر الحجة البالغة مهما كان قاطعا للأعذار ردحا من الزمن ، فأما أن تستمر هذه الفترة أكثر مما استمرت أم وإلى يوم الدين فقد كان لذلك العذر من مكان ، ولكن (فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ) ورسولي إلى مادة مديدة من تلك البشارة والإنذار هي القرآن العظيم.
ذلك ، وكما يقول الله تعالى عن فترة الاختلاف والاختلاق : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ ... فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٢ : ٢١٣).
فالمختلفون المختلقون والذين اتبعوهم تقليدا أعمى هم ، المقصرون ، والقاصرون هم القاصرون على أية حال مهما اختلف المجال ، ثم (الَّذِينَ آمَنُوا) مهديون بهدي الله لما اختلف المقصرون فيه من الحق.
فرغم التحريفات المتنوعة في كتابات الوحي السالفة ، فهناك في ميدان الإيمان دور دائر للهدى الربانية ، حيث المؤمن ينظر بنور الله والله ضامن هداه.