وإتمام النعمة في الشرعة بأصولها وفروعها ، وما هو الإبلاغ استمرارية الحكم الرسالي القرآني بمن ينذر به وهو يمثل الرسول (ص) فيما كان يفعل أو يقول على طول خط الرسالة إلى يوم الدين.
وهنا نجد إصفاقا شاملا في روايات الفريقين على نزول هذه الآية يوم الغدير بعد إصحار النبي (ص) بولاية الأمر ـ كنموذح أوّل بعده ـ لعلي أمير المؤمنين.
ذلك وكما هو مأثور عن أصحاب الآثار أنه لما نزلت هذه الآية على النبي (ص) لم يعمر بعدها إلا أحدا وثمانين يوما أو إثنين وثمانين (١).
فالدين وهو النعمة الربانية ـ ولا سيما ذلك الأخير ـ ليس ليتم إلا بقرار حاسم جاسم في نفسه لاستمراريته في قيادتيه الروحية والزمنية ، فليست الأصول والفروع بنفسها بالتي تستمر لولا من يطبقها على ضوء الدولة الربانية الحاكمة الحكيمة بين المكلفين ، كما ولا تفيد الدولة والنظام لولا تمام الانتظام لشرعة الله ، فقد تجاوب الأمران يوم الغدير ، حين لم يبق من الدين أمر إلّا وقد بيّن ، اللهم إلا استمراريته المفروضة يوم الغدير صراحا جمعيّا لم يحصل من ذي قبل مهما كانت له لمحات في فترات.
ولا يعني يوم الغدير ـ فقط ـ تأمير الأمير عليه السلام ، فإنما هو كنقطة انطلاق لتلك الخلافة القدسية المعصومة الناهية إلى صاحب الأمر الحجة بن الحسن المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف الذي به يملأ الله الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا ، فقد صدق قول الرسول (ص):
__________________
(١) في التفسير الكبير للرازي ٣ : ٥٢٩ عن أصحاب الآثار ... وعينه أبو السعود في تفسيره بهامش تفسير الرازي ٣ : ٥٢٥ ، وذكر المؤرخون منهم ـ كما في تاريخ الكامل ٣ : ١٣٤ وأمتاع المقريزي ٥٤٨ وتاريخ ابن كثير ٦ : ٣٣٢ وعدّه مشهورا والسيرة الحلبية ٣ : ٣٨٢ ـ أن وفاته (ص) في الثاني عشر من ربيع الأول ، مهما كان فيه تسامح بزيادة يوم على الإثنين والثمانين.