بشارة للمستقبل وليس فتح مكة إلا تقدمة له وذريعة ، وبذلك يعرف ـ وبأحرى ـ أنه ليس ـ كذلك ـ يوم عرفة ، ولا يوم نزول البراءة وما أشبه فإن يوما من هذه لم يكن ليؤيس الذين كفروا من دينكم حتى يكمل ويتم النعمة تماما وكمالا.
أو ترى أنه يوم إكمال الدين بأصوله؟ وقد ابتدأ بها صاحب الرسالة لزاما وعاشها طول حياته مكررا إياها مؤكدا لها! ولم تكن ـ كذلك ـ تؤيس الذين كفروا.
أو أنه يوم ختام القرآن؟ ولم يختم إلا عند ختام عمره الشريف إذ لم ينقطع عنه الوحي المنيف ، ثم وليس ختام الوحي بالذي يؤيس الذين كفروا من دينكم ، بل قد يطمئنهم لإبطاله لانقضاء وحيه! ، فإن مستمر الوحي أرجى ، وهو بإياس الذين كفروا أجحى.
أم ترى أنه يوم إكماله بفروعه ، يوم نزلت الآية نفسها؟ فكذلك الأمر! إضافة إلى أن تحريم ما حرم هنا له سوابق سوابغ ، فلم تكن نازلة جديدة ، أو جادّة تؤيس الذين كفروا ، ثم أتت أحكام أخر وتوجيهات لم تأت من ذي قبل!. إنه يوم بلاغ استمرارية ذلك الدين المتين بقيادتيه الروحية والزمنية فيمن يمثلون الرسول الأمين ، كما وأن ذلك البلاغ في آية البلاغ يقرر له هامة الحفاظ (١) على استمرارية هذا الدين : و (إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ ..).
إذا فذلك اليوم هو يوم بلاغ لما يؤيد الرسالة ببلاغها بعد إكمال الدين
__________________
(١) في الخصائص عن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام قالا : لما نزلت هذه الآية (آية التبليغ) يوم الغدير وفيه نزلت : اليوم أكملت ... قال وقال الصادق (ع): أي : اليوم أكملت لكم دينكم بإقامة حافظه وأتممت عليكم نعمتي أي : بولايتنا ، ورضيت لكم الإسلام دينا أي : تسليم النفس لأمرنا.