فهو إذا مثلث من الألوهية! ومريم والروح والله لكلّ حظوة واحدة منها لا تبقى حيث انتقلت إلى المسيح!.
وهذه ترقية للسيد المسيح في قوسه الصعودي وتنزل لله في قوسه النزولي ، فقد كان عبدا ثم تشرف بشرف البنوة التشريفية ، ثم البنوة الصّلبية ، ثم مشاركا في ذات الألوهية في ثالوثها ، ثم إلها لم يبق بعد غيره إله ، لا إله الأب ولا إله الأم ولا إله روح القدس.
فلكلّ من الفرق المسيحية المنحرفة واحدة من هذه المراحل اللّاهوتية للمسيح ، والأصل الأصيل ـ على أية حال ـ هو المسيح لا سواه.
وذلك أنحس ما وصل اليه اللّاهوت العقائدي في المسيحية ، بعد ما تقوّلوا : إن المسيح (ع) هو ابن الله تشريفا دون حقيقة البنوة ، ثم تخطّوا هذه القيلة إلى أن المسيح ابن الله ، جزء من كيانه كيفما كان تجزّءه ، ثم مشاركا مع الله في جوهر الألوهية ، وإلى أن الله تبدّل بكل كونه وكيانه إلى المسيح بظاهر الولادة المريمية!.
ف (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) (٤ : ١٧١) وهؤلاء هم المثلثون القائلون بالأقانيم الثلاثة.
ثم (وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ ..) (٥ : ١١٦) وأولئك هم الثنويون المريميون (١).
ثم هاتان الآيتان (٧٢ ـ ٧٣) هنا عرض لثالث ثلاثة من ثالوث عقائدهم اللّاهوتية هو توحيد المسيح (ع) في الألوهية ، إذابة للإله الآب بتخلّ كامل
__________________
(١) القول الفصل حول التثليث والتثنية راجع إلى آيتهما في النساء والمائدة.