وتجاف شامل في رحم مريم العذراء ، فتناسيا عنه فضلا عن مريم وروح القدس ، ولذلك نراهم يقولون في شعارهم «إلهنا المسيح» معبّرين عن مريم عليها السلام ب «أم الإله و «أنه مولود غير مخلوق» مولود حيث برز بمظهر الناسوت بعد اللّاهوت ، وغير مخلوق لأنه هو هو دون تعدد إلّا بالمظهر ، فهناك لاهوت وهنا ناسوت (١)!.
ونسمعهم يذكرون في ذكرياتهم وأذكارهم أنه «الإله المخلص المنجي المتجسد» وذلك لا يخلوا عن محتملات تالية : أن الله ـ سبحانه ـ تنزل بكل كونه وكيانه عن لاهوت الألوهية والتجرد إلى ناسوت الجسم تجافيا عن كينونته المجردة اللّامحدودة ، حلولا في جسم المسيح؟ وذلك مستحيل حيث المجرد لا يتبدل إلى نقيضه اللّامجرد! إلّا انمحاء عن وجوده فتكوّنا بالكيان المادي؟ فذلك فناء وهذا حدوث ينافيان ساحة الألوهية!.
أم حلولا لذاته المجردة اللّامحدودة في جسم المسيح المحدود؟ وهو جمع بين النقيضين : اللّامحدود والمحدود ، اللهم إلّا بتحول اللّامحدود إلى محدود فكذلك الأمر!.
فأصل التحول لله مستأصل عن ساحته فإنه قضية الحدوث ، ثم تحوّله عن التجرد إلى المادة مستأصل أخرى لإستحالة تبدّل النقيض إلى نقيضه ، اللهم إلّا بفناءه ثم حدوث نقيضه مكانه وليس هذا من التحول ، وهو في نفسه مستحيل حيث الفناء في ساحة الألوهية مستحيل! ثم انتقاله على تجرده اللّامحدود إلى جسم المسيح ورحم مريم المحدودين ثالثة ، ظلمات
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٦٥٩ عن تفسير القمي عن أبي جعفر عليهما السلام في قوله : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم ، اما المسيح فعصوه وعظموه في أنفسهم حتى زعموا أنه إله وأنه ابن الله وطائفة منهم قالوا : ثالث ثلاثة وطائفة منهم قالوا : هو الله ...