حديث رسول الله (ص) ولا معنى لحرمتها في نفسها إلّا للمحاولات المرغوبة المترقبة منها ، ولذلك لعن فيها عشرة ، لا فقط شاربها ، فكل المحاولات حول الخمر ، الناحية منحى شربها ، هي محرمة قضية حرمتها في نفسها حيث تعني كل ملابساتها إلى شربها.
٢ ـ ومن ثم «رجس» وأخواتها تدل ـ فيما تدل ـ على حرمتها الذاتية على مدار الزمن الرسالي ، فلا تجد رسالة ربانية إلّا بتحريم الخمر كما فصلناه على ضوء آية البقرة.
و «رجس» هذا يعم ترجيس صالح الروح والجسم والقال والحال والأعمال ، رجسا فرديا وجماعيا ، خلقيا وخلقيا وعقيديا وعلميا ومعرفيا وفي كل الحقول الإنسانية عن بكرتها ، أسرا لها بأسرها في وثاقها حيث تحرّر الإنسان وتطلقه عن عقليته الإنسانية بل وعن العقلية الحيوانية حيث يصبح حيوانا مجنونا شرسا.
ومن ثم (مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) كوصف ثان لهذه الأربعة فيه وجهان ، إنها ـ وفي قمتها الخمر ـ من صنع الشيطان ، فهو أوّل مبتدع لها كما وهو من عمله المستمر في شيطنة الأعمال ، ومن عمله وسوسته في صدور الناس بحق الخمر وأخواتها ، ثالوثا من عمل الشيطان ، فأين المؤمن ومبتدع الشيطان وعمله الشيطاني ووسوسته؟ ولذلك نراها أنها من أوليات المحرمات (١).
__________________
ـ العنب ممن تعلم أنه يعمله خمرا كما في الدر المنثور ٣ : ٣٢٥ ـ اخرج البيهقي عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله (ص): من حبس العنب ايام قطافه حتى يبيعه من يهودي او نصراني أو ممن يعلم انه يتخذ خمرا فقد تقدم في النار على بصيرة.
(١) وسائل الشيعة ١٧ : ٢٤٣ ح ٢٠ في الأمالي بسند متصل عن محمد بن مسلم قال سئل ابو عبد الله (ع) عن الخمر فقال : قال رسول الله (ص): «ان أول ما نهاني عنه ربي ـ