٣ ـ (فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) وهنا واجب الاجتناب متفرع على مثنّى (رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) فهذه ضابطة ثابتة أن كل رجس وعمل للشيطان هو واجب الاجتناب رجاء الإفلاح في معتركات الحياة ، فإفلاج الشيطان لشيطناته ، وضمير الغائب في «فاجتنبوه» راجع إلى «رجس» فيشمل كل هذه الأربعة ، تفريعا لواجب الاجتناب على «رجس» الموصوفة ب (مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) أم هو راجع إلى عمل الشيطان ، أم إلى المذكورات الست.
ذلك ، ولا تختص الخمر بما يؤخذ من العنب والتمر ، بل هي كل ما تخمر العقل بطبيعة حاله أيا كان مأخذه ، وكما فيما استفاض نقله عن النبي (ص) (١) والخمر تعني كل مسكر ، فقد «حرم الله الخمر وكل مسكر
__________________
ـ جل جلاله عن عبادة الأوثان وشرب الخمر وملاحاة الرجال» وأخرجه مثله عنه (ص) أم سلمة كما في الدر المنثور ٣ : ٣٢٦.
أقول : فالأحاديث الواردة عنه (ص) ان آية المائدة هي التي حرمت الخمر ، انها مختلقة معروضة عرض الحائط إلّا أن تعني غلظ الحرمة لا أصلها.
وفي عيون الأخبار باسناده الى الريان بن الصلت قال سمعت الرضا (ع) يقول : ما بعث الله عز وجل نبيا إلّا بتحريم الخمر ، وفي سيرة ابن هشام عن خلاد بن قرة وغيره من مشايخ بكر بن وائل من اهل العلم ان اعشى بن قيس خرج الى رسول الله (ص) يريد الإسلام فلما كان بمكة أو قريبا منها اعترضه بعض المشركين من قريش فسأله عن أمره فأخبره انه جاء يريد رسول الله (ص) ليسلم فقال له يا أبا بصير فانه يحرم الخمر ...
(١) في الدر المنثور ٣ : ٣١٨ ـ عن ابن عباس ان رسول الله (ص) حرم الخمر والميسر والكوبة والغبيراء وكل مسكر حرام ، وفيه قال رسول الله (ص): ان من الحنطة خمرا ومن الزبيب خمرا ومن التمر خمرا ومن العسل خمرا وأنهاكم عن كل مسكر ، وفيه مثله عن ابن عباس عنه (ص) «وكل مسكر حرام».
وفيه أخرج مسلم والبيهقي عن جابر بن عبد الله ان رجلا قدم من اليمن فسأل ـ