ذلك (لِيَعْلَمَ اللهُ) علما منه علامة عليكم لا علما : معرفة (مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ) الطليق بذاته ، فإنه حاضر بآياته ، و «بالغيب» عن الناس ولكنه ليس إلّا في صيد بالغيب.
(فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ) البلاء أن يصيد دون مبرر أو ان يعتدي في الصيد المحظور (فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ) ولا سيما فيما يصيد تلاعبا بحياة الصيد دونما حاجة إليه فانه ظلم خالص كالس.
وهنا (بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ) تعم إلى قسم من نوع الصيد وهو البري ، قسما من أي صيد بري كالفروخ والبيض حيث تناله الأيدي على أية حال.
وقد يلمح ذلك التهديد الشديد ببلوى الصيد أنه كان في السنة محرما كأصل ، وإلّا فلا دور للتهديد عن الصيد ولما يأت النهي عنه ، وهكذا تتأيد الروايات الناهية عن صيد اللهو ، فقد امتحن الله هذه الأمة بصيد البر ولا سيما وهم حرم ، كما امتحن بني إسرائيل بصيد البحر (إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) (٧ : ١٦٣).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ)(٩٥) :
لقد مضى قول فصل حول (الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) في الآية الأولى من المائدة ، ومنه أن «حرم» تعني إلى حالة الإحرام الكون في الحرم ، فيا ويلاه إن كان الصيد في كلتا الحالتين! وهنا محور النهي هو قتل الصيد متعمدا دون الآية الأولى الطليقة في حرمة الصيد بكل المحاولات الإيجابية بحقه ، وعلّ الإختصاص هنا لبيان الجزاء الخاص ، فليس في غير قتله