للنسناس الضاحكين علينا أغنياء وفقراء ، وقعودا لنا عن تطبيق حكم الله أغنياء وفقراء (١).
في كل هذه قيام للناس في الحفاظ على أنفسهم وسماحتها وشجاعتها وخلقها الطيبة ، تمرّنا على صالح الأقوال والأعمال وأمن الحياة وطمأنتها.
ولقد ألقى الله في قلوب العرب منذ جاهليتهم فضلا عن إسلامهم حرمة هذه الأشهر فكانوا لا يروّعون فيها نفسا ولا يطلبون فيها دما ولا يتوقعون فيها ثأرا حتى كان الرجل يلقى قاتل أبيه وابنه وأخيه فلا يؤذيه ، فكانت مجالا فاسحا آمنا لكل الناس ، ولا سيما العائشين الحرم المبارك المكي.
فكما الحرم منطقة أمن من حيث المكان ، كذلك الشهر الحرام منطقة أمن من حيث الزمان ، ولا سيما حين يتلاقيان فيتلافيان كل ما يسبب اللّاأمن ، وجعل الهدي والقلائد أمنة من كلّ أذى للمهدين والمقلدين ، وكل هذه من خلفيات الحرمة البالغة المدى ل (الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) حيث جعلت بشعائرها الزمانية والمكانية والعملية (قِياماً لِلنَّاسِ) فيما يتوجب عليهم أو يرجح لهم فيه قيام للناس وجاه النسناس ، فالكعبة البيت الحرام هي منطقة أمان في المكان والزمان لا للإنسان فحسب بل وللنبات والحيوان أيضا نفسيا وفي ضمير الإنسان ، منطقة أمان في مصطرع الحياة الثائر الفائر الطاغي بشواظه الشذاذ وبدخانه على المكان والزمان ، حتى ليتحرج الحرم أن يمدوا أيديهم إلى أي ذي حياة اللهم إلّا ما يزهق الحياة أو يحرجها.
ذلك ، وقد نستشعر من كل مناسك الحج قيامات فردية وجماعية اسلامية ، لو أن حجاج البيت استشعروها وطبّقوها لأصبحوا بسائر
__________________
(١). لمعرفة واسعة حول واجب الأضاحي راجع الفرقان ١٧ : ١٠٤ ـ ١١٩ ورسالتنا الفارسية (اسرار مناسك ـ ادلة الحج.