حجرا ، وأقل نتائق الدنيا مدرا ، وأضيق بطون الأودية قطرا ، بين جبال خشنة ، ورمال دمثة ، وعيون وشلة ، وقوى منقطعة ، لا يزكوا بها خف ولا حافر ولا ظلف ، ثم أمر آدم عليه السلام وولده أن يثنوا عطافهم نحوه فصار مثابة لمنتجع أسفارهم ، وغاية لملتقى رحالهم ، تهوي إليه ثمار الأفئدة ، من مفاوز قفار سحيقة ، ومهاوي فجاج عميقة ، وجزائر بحار منقطعة ، حتى يهزوا مناكبهم ذللا يهللون لله حوله ، ويرملون على أقدامهم شعثا غبرا له ، قد نبذوا السراويل وراء ظهورهم ، وشوهوا بإعفاء الشعور محاسن خلقهم ، ابتلاء عظيما وامتحانا شديدا واختبارا مبينا وتمحيصا بليغا ، جعله الله سببا لرحمته ووصلة إلى جنته» (١٩٠ / ٢ / ٣٦٤).
انتباهة ضافية :
وهنا توافقات بين مختلف الزمن سنة وشهرا وأياما ، ف (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ) (٨ : ٢٦) توافق تكرار عديد الشهر في كتاب الله اثني عشر مرة ، ثم لفظ اليوم بمختلف صيغه تكرر (٣٦٥) مرة عديدا أيام السنة ، ثم نجد لفظ اليوم جمعا (٢٣) مرة ومثنى (٣) مرات وبلفظ «أياما» (٤) مرات والمجموع (٣٠) عدد أيام الشهر في الأكثر.
فهل إن هذا تناسق لاغ أم هو قاصد كما في سائر التناسقات القرآنية التي لم يكشف العلم عنها النقاب حتى الآن؟!.
(اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَأَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٩٨) :
هذا تحذير عن كل تهذير وتهدير بجنب الله (أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) كما هو بشارة (أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فهو «أرحم الراحمين في موضع العفو والرحمة وأشد المعاقبين في موضع النكال والنقمة» ومن العقاب الشديد ما هو على «من أذنب ذنبا صغيرا أو كبيرا وهو لا يعلم أن لي أن أعذبه أو أعفو