من الفارق أن الإجابة حين ينزل القرآن هي حسب الحكمة الربانية دون الخارجة عنها ، فقد يأتي الجواب عن سؤال الأهلّة (قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ) حيث الجواب يختص بما يحتاجون في دينهم ، دون ما لا يعنى فيه من مختلف الأهلة من الواجهة الكونية ، وأما حين لا ينزل القرآن فسؤال الرسول محرج وسؤال غيره مخرج عن صالح الإجابة لمكان عدم العصمة أم نفاد الحكمة الصالحة.
فلأن القرآن هو إجابة عن كل سؤل وسؤال صالح للإجابة فلا يبدي ما يسوءكم من الجواب ، ولكن سائر الإجابة كسائر السؤال لا يختص بما هو صالح في حقل التكليف ، ك «من أبي» و «كم أعيش» وما أشبه مما لا يعنى ، كالسؤال حول حكم عام أو مطلق يعنى منه تقيّد أو تخصص كما كان في قصة البقرة لبني إسرائيل ، فإن المطلق والعام وما أشبه في مقام البيان نصا أو ظاهرا ليس قاصرا عما يرام ، إذا فسؤال القيد تجاهل عن صالح البيان ، كأن الله لم يرد ما يصلح أو لم يبين ما أراد ، كما حصل من الخليفة عمر في قصة الخمر!.
إذا فكل سؤال عن أي مسئول فيما لا يعنى من صالح الدين أو الدنيا محظور ، وكل سؤال فيما يعنى من صالح الدارين محبور ، ونازل القرآن يعم صالح النشأتين ، فلذلك (وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ).
وهنا (عَفَا اللهُ عَنْها وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) هو عفو عن السؤال المحظور والإجابة المحظورة المسيئة في وحي القرآن بالنسبة لهذه الأمة المرحومة ، وعفو عن مادة السؤال التي هي في إجمال ، مثلث من العفو شمله : (عَفَا اللهُ عَنْها) وهي في الأخير مواصفة ثانية ل «أشياء» أولاها (إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ).
ولو تقدمت (عَفَا اللهُ عَنْها) على (إِنْ تُبْدَ لَكُمْ) لم تشمل الأولين ،