ومهما اختلفت الروايات في معاني هذه الأربع ، وأن تحريرها كان لنذر أو أمر سواه أم للأصنام ، فالأصل المعلوم هنا حرمة كل تحرير وسواه ما لم يأذن به الله.
هذا ، وليست الجاهلية لفترة غابرة من الزمان ، بل وقد نلمسها الآن بمختلف صورها كأبشع ما كان ، فهي حالة متكررة في كل زمان ومكان لم تتمكن فيهما شرعة الله كأصل يحلّق على كافة الحركات والسكنات من أقوال وأحوال وأعمال.
وقد نجد جاهليات بين المسلمين تشبه سائر الجاهليات مهما اختلفت الأسماء ، حيث الأسماء الخاوية ليست لتقرر الحقائق كما الحقائق لا تتبدل بتبدل الأسماء.
فحينما ينفك رباط القلب بالإله الواحد على ضوء شرعته ، ينفك عنه كثيرا أو يسيرا ، نجد فكاكا عارما عن الحقائق بنفس القدر.
أفليس المسلم الذي يحرر حيوانا للأولياء والقديسين ، أو ينذر لهم عملا ، أليس يماثل الوثني الذي يحرّر أو ينذر لوثنه؟ ولا نذر أو تحرير إلّا لله فيما أذن به الله!.
وهكذا يتيه الجاهل في منحنيات ودروب لا عداد لها مهما كان موحدا لله في مبدءه.
أجل (ما جَعَلَ اللهُ ... وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالله وبوحي الله (يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) ومهما كان قليل منهم يعقلون فيفترون عن عقلية شيطانية تزييفا لشرعة الله وهم حملة مشاعل الضلالة ، ولكن (أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) حيث يفترون ما يفترون تقليديا دون أية عقلية أو علم ، ومن عدم عقلهم :
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ)(١٠٤) :