رجلا يعملون مثل عملكم» (١) والانعزال هنا ليس إلّا للحفاظ على الأهم ، تركا للمهم الذي لا يؤثر أم ويضر بالأهم.
ذلك ، ثم خطاب (الَّذِينَ آمَنُوا) يحوّل «من ضل» إلى غيرهم ، فلا صلة لهذه الآية ـ إذا ـ بترك مسئولية الأمر والنهي فيما بين المؤمنين أنفسهم ، الثابتة بضرورة الشرعة الربانية ككل ، وعلى حد قول الرسول (ص): «أين ذهبتم إنما هي لا يضركم من ضل من الكفار إذا اهتديتم» (٢) : ضرا منهم إليكم في إضلال بكل حقوله ، ما حققتم مسئولية (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ).
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ٣٣٩ ، اخرج الترمذي وصححه وابن ماجه وابن جرير والبغوي في معجمه وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أبي امية الشعباني قال أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت له : كيف تصنع في هذه الآية؟ قال : أية آية؟ قال وقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ..) قال : والله سألت عنها خبيرا سألت عنها رسول الله (ص) قال : بل ائتمروا ..
(٢) المصدر اخرج احمد وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن أبي عامر الأشعري انه كان فيهم شيء فاحتبس على رسول الله (ص) ثم أتاه فقال : ما حبسك؟ قال : يا رسول الله (ص) قرأت هذه الآية قال فقال له النبي (ص) : اين ذهبتم ، وفيه اخرج ابن مردويه عن محمد بن عبد الله التيمي عن أبي بكر الصديق سمعت رسول الله (ص) يقول : ما ترك قوم الجهاد في سبيل الله إلّا ضربهم الله بذل ولا أقر قوم المنكر بين أظهرهم إلّا عمهم الله بعقاب ما بينكم وبين ان يعمكم الله بعقاب من عنده إلّا ان تأولوا هذه الآية على غير امر بمعروف ولا نهي عن منكر (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ..) وفيه اخرج ابن مردويه عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال : خطب ابو بكر الناس فكان في خطبته قال رسول الله (ص) : يا أيها الناس لا تتكلموا على هذه الآية (... عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ..) إن الذاعر ليكون في الحي فلا يمنعوه فيعمهم الله بعقاب.