والعملية لصالح يوم الحساب لحد لا يستطيع الكافرون به أن يصدوك عن الساعة عقيديا أو عمليا.
وهكذا يؤمر المؤمنون بإحكام عرى الإيمان في (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) أن يصبحوا سدا حصينا مكينا أمينا لا تضره ـ على أشده ـ أية محاولة كافرة ، فإنهم (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) حيث تعني (رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) تعاملهم في كافة الرحمات ، لكي يصبحوا أشداء على الكفار في كافة العرقلات.
إذا ـ «لا يضركم» تعني كأول محتمل وأقواه ضرّهم أنفسهم بما يختارون ضد المؤمنين ، لا الضر الموجه إليهم عقابا من الله فإنه هو ضره عدلا وليس ضرهم عداء!.
ذلك ، فأقوى المحتملات هو تحقيق (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) لحدّ (لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) : ذلك الاهتداء الصارم الذي يصد عنكم كل اعتداء عارم ممن ضل ، حيث الضالون الصامدون في ضلالهم يحاولون على طول الخط أن يضروكم كما يستطيعون (١).
ف (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) علميا وعقيديا وخلقيا وعمليا وسياسيا واقتصاديا وحربيا ، وفي كل ما تتطلبه شروطات صامد الإيمان فرديا وجماعيا ، إعدادا كاملا شاملا يضعف أمامه العدو أيا كان ، وحينئذ (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ)(٣ : ١١١) (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(٣ : ١٣٩) وفي جملة واحدة : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) (٨ : ٦٠).
__________________
(١) وهكذا يعني ما يروى «حب علي حسنة لا يضر معها سيئة» أي ان حبه يدفع عن السيئة.