السؤال : (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ. فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنَّا غائِبِينَ) (٧ : ٧).
فسؤال المرسل إليهم سؤال استفهام استفحام عمن خالف الرسل ، واستعظام لمن اتبعهم ، وسؤال المرسلين هو سؤال إعلام وتعظيم ، فهنا (لا عِلْمَ لَنا) لهم جواب ، ولأنهم لم يقصروا في رسالاتهم فليس لهم تباب وعتاب.
وهنا في استجواب الرسل نجد الجواب (لا عِلْمَ لَنا) وهم عارفون الجواب حيث واجهوا مصدقين ومكذبين؟ ثم الله أشهدهم على ما هم غائبون ليشهدوا يوم يقوم الأشهاد ، فقد يعنون تخضعا أمام الله حيث لا يسألهم استعلاما ف (إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) أم ويعنون (لا عِلْمَ لَنا) كما يحق حيطة على كل ما أجبنا ، فقد أجبنا أمام من واجهناهم كما (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (١١٧) فالمنفي من العلم هو علم الغيوب (إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ).
ولأن العلم بالإجابة كأصل ، الغائبة عنهم أحياء وأمواتا ، ذلك مسلوب عنهم مهما علموا أقوالهم واعمالهم بما عرفهم الله كما تدل آيات شهادة الرسل على الأعمال ، ف (لا عِلْمَ لَنا) صادقة أولا وأخيرا ، فأولا وقبل أن يعرّفهم الله لا علم لهم إلّا ما واجهوه ، وأخيرا بعد ما عرفهم الله لا علم لهم محيطا كما يعلم الله ، ثم وقضية الأدب الرسالي ، هي الاعتراف بالجهل أمام الرب تبارك وتعالى.
ومن جهة ثالثة بما أن العلم بغيب النيات والطويات خاص بالله ف (إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) وليس العلم بالمظاهر ـ مهما حلق على كلها بإذن الله ـ ليس علما أمام العلم بالغيوب ، إذا (لا عِلْمَ لَنا) كما يكفي (إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ).