فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٦٠ : ٩)(١).
فضابطة (لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ) تحلّق على كل الأحوال ولا يستثنى منها فيهم إلّا (الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ ..) وللمؤمنين (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) ولا ثالث كأن : (نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ ..) :
فلقد كانت ولاية المناصرة قضية المصالح والأواصر المتشابكة بينهم وبين أهل الكتاب في العهد المدني ولا سيما في بدايته ، وكما كانت قبل الإسلام ، فنهاهم الله عنها قضية الرزية العقيدية وما أشبه نتيجة هذه الولاية.
صحيح أن الإسلام هو شرعة السماحة مع أهل الكتاب ، بل ومع المشركين أيضا ، ولكنها ليست لحد الولاية حبا ومخالطة ومناصرة ومحالفة ، إنما هي في حقل الملاطفة في العشرة مع غير المعاندين منهم.
ومن البساطة والغفلة أن نظن بهم مواصلة معنا في خط واحد أمام سائر الكفار والملحدين ، ولقد جربناهم طول التاريخ إذا كانت المعركة ضد المسلمين أهم معهم أم مع سائر الكافرين.
صحيح أن الله يأمرهم بالمواصلة في خط التوحيد الوحيد (تَعالَوْا إِلى
__________________
(١) الدرر المنثور ٢ : ٢٩٠ عن عبادة بن الوليد ان عبادة بن الصامت قال : لما حاربت بنو قينقاع رسول الله (ص) تشبث بأمرهم عبد الله بن سلول وقام دونهم ومشى عبادة بن الصامت الى رسول الله (ص) وتبرء إلى الله ورسوله من حلفهم وكان أحد بني عوف بن الخزرج وله من حلفهم مثل الذي كان لهم من عبد الله بن أبي فخلعهم إلى رسول الله (ص) وقال : أتولى الله ورسوله والمؤمنين وأبرأ إلى الله ورسوله من حلف هؤلاء الكفار وولايتهم ، وفيه وفي عبد الله بن أبي نزلت الآيات في المائدة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا) ـ إلى قوله ـ (فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ).