مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) فقد كفهم عن تغلّب حجاجهم عليه ، وأخيرا لما أرادوا صلبه كفهم عن صلبه ف (ما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ).
ثم «الأكمه» هو من ولد أعمى ، كما الأعمى من ولد بصيرا ثم عمي ، و «الأبرص» من به برص خلقيا ، ولا يقدر على تغيير الأصل إلّا من خلق الأصل.
ومن ثم (إِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي) فالإخراج له نسبة إليك دعاء وإشارة ، ثم النسبة الأصيلة إلى الله حيث تخرج الموتى بإذني دون إذنك وحولك وقوتك ، والإخراج بديل الإحياء ، حيث يدل على إخراجهم من قبورهم ، للتدليل على ثابت الموت دون ظاهره ، فإن غير المقبور ، الساكن الحس ، قد لا يكون ميّتا في الواقع.
وهنا الإذن التكويني متعلق ب (فَتَكُونُ طَيْراً) حيث تتكون طيرا بإذن الله ، فلم يقل (فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي) حتى يكون الإذن موجها إليه في ذلك التكوين ، إذا فالأذن هنا ك «كن» في سائر التكوين (أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).
فإنما المحور في هذه الأربع وغيرها من آيات الله البينات رسولية ورسالية ، هو إذن الله تكوينا لها قرينا بظاهر المحاولة في إبرازها ، فلا فارق بين محاولات الرسل في إظهار الآيات وبين سائر المحاولات إلّا أن الله يأذن تكوينا عند محاولات الرسل تدليلا على اختصاصهم بالله وصدقهم في رسالة الوحي ، ولا يأذن عند ما سواها من محاولات فإنه تضليل ، فقد يأذن في محاولات لإبراز آيات ، ثم يأذن عندها بتحقيقها ، والرسل إنما هم في ذلك الحقل بين إذنين اثنين : تكليفا في الأوّل وتحقيقا منه في الثاني ، ف «تخلق» تسوية للطين على شاكلة الطير ، ثم تحولا له إلى الطير ، كلاهما «بإذني» ثم (فَتَنْفُخُ فِيها ـ فَتَكُونُ طَيْراً) كلاهما «بإذني»