وتسع (١) التي قيل إنها مدنية ، إنها كسائرها قد تكون مكّية حيث السياق لا يصدّق مدنيتها ولم يرد في ذلك نص يعتمد عليه.
وهي نموذجة كاملة عن القرآن المكي ـ ككلّ ـ عرضا فصيحا فسيحا لهامة الربوبية الوحيدة ، وسائر المواضيع العقيدية التي تعالجها من مبدءها
__________________
(١) في تفسير الفخر الرازي ١٢ : ١٤١ عن ابن عباس أنها مكية نزلت جملة واحدة فامتلأ منها الوادي وشيعها سبعون الف ملك ونزلت الملائكة ما بين الأخشبين فدعا الرسول (ص) الكتاب وكتبوها من ليلتهم إلّا ست آيات فانها مدنيات (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ) إلى آخر الآيات الثلاث وقوله «وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ» الآية وقوله (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً).
وقيل المدنية فيها فقط (قُلْ تَعالَوْا ..) والتي بعدها ، وقيل هما آيتان غيرهما نزلتا بالمدينة في رجل من اليهود وهو الذي قال (ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ).
وقيل إنها مكية إلّا آية واحدة وهي (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ).
وقيل مدنيتها الآيات ٢٠ و ٢٣ و ٩١ و ٩٣ و ١١٤ و ١٤١ و ١٥١ و ١٥٢ و ١٥٣ كما في تفسير البرهان ١ : ٥١٤.
وقد تلمح الآية (٩١) أنها مدنية حيث تذكر أهل الكتاب : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) ولكنه قد يكفي وجود البعض من اليهود فى العهد المكي مهما كانوا من السّفر المترددين للتجارة ، حيث القرآن المكي سيحلق في دعوته كسائر القرآن على كافة المكلفين قلوا أو كثروا قاطنين في مكة أو مسافرين.
وهكذا يكون دور الآية (١١٤) : (أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) وهذه طبيعة حالة الخلط حينذاك بين المشركين والكتابيين في التسافر التجاري وغيره بين مكة والمدينة وغيرها.
ذلك ثم لا نجد في غيرهما من التسع أما هي اقل ما تلمح بمدنيتها!.