إلى منتهاها ، بكل مقوماتها ، مبرهنة عليها بالآيات الآفاقية مع الأنفسية ، محلّقة على الحشد الكوني الذي يزحم أقطار النفس والحس ، ويلمس كل الأبعاد العقلية والحسية.
ذلك! مع بارع التناسق لمنهج العرض في شتى المشاهد والمعارض ، آخذة على الأنفس أقطارها بالروعة الباهرة ، باطنة وظاهرة ، وبالحيوية الدافقة والإيقاع تصويريا وتعبيريا ، مواجهة النفوس من كل دروبها ونوافذها وحتى في موسيقاها.
ومن ميّزاتها بين سائر القرآن مكيا ومدنيا تكاثر الحجاج فيها على ناكري الحق المبين.
وكما نزلت ـ على حد المروي عن الرسول (ص) ـ معها موكب من الملائكة سدّا ما بين الخافقين ، نرى ذلك الموكب الملائكي لائحة الأعلام في قطاعات السورة ، موكب ترتجّ له النفس ويرتج معها الكون ، وهي كالنهر الجاري المتدافق بالأمواج المتلاحقة ، ما تكاد تصل موجة منها إلى قرارها حتى تبدو الموجة التالية.
والموضوع الرئيسي الذي تعالجه السورة متصل متواصل لا يمكن تجزءة السورة إلى مقاطع كلّ يعالج جانبا ، إنّما هي موجات متفقات مع بعضها البعض ، مما يبرهن نزولها جملة واحدة ، فهي موحدة التأليف والتنزيل.
ولماذا سميت سورة الأنعام؟.
١ ـ ألأنها تحمل «الأنعام» ستا لم تحملها سواها لأكثر تقدير إلّا ثلاثا (١)؟
٢ ـ أم ولأن هؤلاء المشركين الأنعام (بَلْ هُمْ أَضَلُّ) (جَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً) (١٣٦) وكأنه بحاجة إلى أكل منها كما
__________________
(١) كسورة النحل في آياتها الثلاث ٥ ـ ٦٦ ـ ٨٠ ، والأنعام ل (٣٢) مرة في القرآن كله ـ