و (الَّذِينَ كَفَرُوا) هم كل الكافرين حيث العادلون بالله هنا هم كل العادلين ، من كافر بالله نكرانا لوجوده حيث يعدل به المادة كأنها هي الأزلية الخالقة ، أو مشرك بالله عدلا في الربوبية أو المعبودية ، سواء عبد مع غير الله الله ، أم لم يعبد معه الله ، أو مراء أم معتقد تأثيرا لغير الله مع الله.
فالعدل بالله يعم الإلحاد والإشراك وسواهما ، مهما لم يكن الملحد معترفا بوجود الله ، حيث يؤلّه المادة كأنها الله ، أو لم يكن المشرك يعبد مع وثنه الله ، حيث يعبده كما يعبد الله.
إذا فعدل الرب بما سواه أم عدل ما سواه به في أي من شؤون الألوهية والربوبية ، خارج عن العدل في القياس ، بل لا قياس بالله لما سواه فإنه «باين عن خلقه وخلقه باين عنه» ليس يشاركهم في شيء حتى يعدل به أو يفضّل عليه.
هذه ثلاث في أولى الآيات ، وكما في هذه الآيات الثلاث نجد موجات ثلاث ، أولاها في أولاها حيث تذرع الوجود الكوني كله في نفسها ، الثانية الوجود الإنساني كله ، والثالثة فيها إحاطة الألوهية بالوجودين كليهما.
آيتنا هذه تبدء ببرهان لطيف حفيف على حدوث الكون كله ، المعبر عنه ب «السماوات والأرض» : «الحمد لله خالق السماوات والأرض ...».
فإن «السماوات والأرض» تدلان بحدوثهما ـ ذاتيا وصفاتيا وأفعاليا ـ على أن هناك محدثا لا يجانسهما ، فهو الذي أحدثهما ، ولا مشاحة في تسميته ، فنحن نقول عنه : «الله» وليس المادة لأنها أصلهما الوالد لهما ، وليست الخالقة إياهما.
ذلك وإلى قول فصل عما لمحت له الآية ، من حجاج الرسول (ص)