رحمته في الأخرى ، المكتوبة للذين يتقون ، ورابعة أن زحمة الظالمين يوم الدين هي رحمة للمظلومين.
ذلك ، وكما شملت رحمته كلّ شيء ، فقد سبقت رحمته غضبه ، سبقا زمنيا وشموليا وفي المكانة ، ومثلث السبق باهر من الذكر الحكيم في حين لا نجد ولا لحمة لشمولية الغضب ، فإنما هو ل «من أشاء» كما في آية الأعراف وما أشبه.
ولقد رويت هذه السابقة السابغة للرحمة الربوبية عن رسول الرحمة (ص) بألفاظ عدة(١) وان رحمته يوم القيامة سابقة
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٦ بسند عن أبي هريرة عن النبي (ص): «لما خلق الله الخلق كتب كتابا بيده على نفسه ان رحمتي تغلب غضبي» وفي اخرى «ان رحمتي سبقت غضبي» وفي ثالثة عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص): إذا فرغ الله من القضاء بين الخلق اخرج كتابا من تحت العرش إن رحمتي سبقت غضبي وأنا ارحم الراحمين فيقبض قبضة أو قبضتين فيخرج من النار خلق كثير لم يعملوا خيرا مكتوب بين أعينهم : عتقاء الله.
وفيه اخرج ابن أبي الدنيا في كتاب حسن الظن بالله عن أبي قتادة عن رسول الله (ص) قال : قال الله للملائكة ألا أحدثكم عن عبدين من بني إسرائيل أما أحدهما فيرى بنو إسرائيل انه أفضلهما في الدين والعلم والخلق والآخر انه مسرف على نفسه فذكر عنه صاحبه فقال : لن يغفر الله له فقال : ألم يعلم أني ارحم الراحمين ألم يعلم أن رحمتي سبقت غضبي وأني أوجبت لهذا العذاب فقال رسول الله (ص) : فلا تألوا على الله.
وفي نور الثقلين ١ : ٧٠٥ في روضة الكافي في رسالة أبي جعفر عليهما السلام الى سعد الخير : «فكتب على نفسه الرحمة فسبقت قبل الغضب فتمت صدقا وعدلا فليس يبتدئ العباد بالغضب قبل أن يغضبوه وذلك من علم اليقين وعلم التقوى».