في هذه الزوايا الثلاث لا تساوى ولا تسامى!.
(قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)(١٥) :
لست أنا ـ لأنني رسول ـ في أمن من العذاب (إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي) فإن (عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) هو لزام العصيان من أيّ كان ، بل والعذاب للأقرب إلى الله ـ لو عصى ـ أقرب وأعظم ، كما هو للأغرب أغرب ، بل وحسنات الأبرار سيئات المقربين.
ولقد كان الرسول (ص) يكرر مقالته هذه في مختلف المجالات ، قبل الفتح وبعده ، وقد يكون بعده أحرى لاحتمالة النزوة الطارئة نتيجة الفتح المبين ، فلا دور خاصا لهذه المقالة ولا نسخ له أبدا خلاف الرواية المختلقة (١).
(مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ)(١٦) :
أترى صرف عذاب يوم عظيم عن الصالحين ـ ولا سيما السابقين والمقربين ـ هو رحمة من العظيم أم هو عدل جزاء وفاقا؟.
إن صرف العذاب عن الصالحين الذين لا ذنب لهم ولا سيما المعصومين هو قضية العدل مهما كانت الجنة قضية الرحمة التي كتب الله على نفسه ، وهذه ضرورة عقلية وقرآنية أن استحقاق العذاب خاص بأهله
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٧٠٥ في تفسير العياشي عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) قال : ما ترك رسول الله (ص) (إِنِّي أَخافُ ..) حتى نزلت سورة الفتح فلم يعد إلى ذلك الكلام أقول : علّة عناية الى (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) ولكن الذنب هنا غير العصيان هنا ، إنما هو رسالته ببلاغها وبلوغها حيث الذنب هو كل ما يستوخم عقباه ، وكانت عقبى هذه الرسالة السامية مستوخمة من قبل المشركين المحتلين عاصمة التوحيد ، فصد الله عنه (ص) مستوخمة العقبى ما دام حيا بفتح تلك العاصمة ـ راجع تفضيل الكلام في تفسير سورة الفتح ـ.