مبلغ الإنذار بعدي وبعدهم من العلماء الربانيين (١) ، فلا بد ـ إذا ـ للمنذر بالقرآن من بلوغ هو بلوغ العقلية القرآنية تلقيا وتطبيقا وإلقاء ، وذلك مثلث لهندسة الإبلاغ والإنذار بالقرآن ، عطفا ل «من بلغ» بفاعل «أنذركم».
ثم «من بلغ» من المنذرين ، بلغ عقليا إذ لا تكليف للصغار والمجانين ، ومن بلغه منهم طول الزمان وعرض المكان منذ بزوغه إلى يوم الدين ، ومن بلغ به (٢) عطفا له بمفعوله «كم».
إذا ـ «من بلغ» دون تقيد أدبي بالمنذر والمنذر ، أو كونه لازما أو متعديا ، إنّه تعبير قاصد إلى مسدّس المعاني : لأنذركم به وينذركم من بلغ
__________________
ـ شيء عنى بقوله : (وَمَنْ بَلَغَ) قال : فقال من بلغ أن يكون إماما من ذرية الأوصياء فهو ينذر بالقرآن كما أنذر به رسول الله (ص) ، وعنه (ع) قال : علي (ع) ممن بلغ.
(١) تفسير البرهان ١ : ٥١٩ ـ العياشي عن زرارة وحمران عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام في الآية «يعني من بعده وهم ينذرون به الناس».
(٢) الدر المنثور ٣ : ٧ عن ابن عباس وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ يعني من بلغه هذا القرآن فهو له نذير ، وفيه أخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن أنس قال : لما نزلت هذه الآية كتب رسول الله (ص) إلى كسرى وقيصر والنجاشي وكل جبار يدعوهم إلى الله عزّ وجلّ وليس بالنجاشي الذي صلى عليه ، وفيه أخرج أبو الشيخ عن أبي بن كعب قال أتي رسول الله (ص) بأسارى فقال لهم هل دعيتم إلى الإسلام قالوا لا فخلى سبيلهم ثم قرأ : (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) ثم قال «خلوا سبيلهم حتى يأتوا مأمنهم من اجل أنهم لم يدعوا» وفيه أخرج ابن مردويه وأبو نعيم والخطيب عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص): «من بلغه القرآن فكأنما شافهته به ثم قرأ هذه الآية» وفيه عن قتادة في الآية ان النبي (ص) كان يقول بلغوا عن الله فمن بلغته آية من كتاب الله فقد بلغه أمر الله.
وفي نور الثقلين ١ : ٧٠٧ في كتاب علل الشرايع بسند متصل عن أبي عبد الله (ع) سئل عن قول الله عزّ وجلّ : (وَأُوحِيَ ... وَمَنْ بَلَغَ) قال : «لكل إنسان».
أقول : وفي نسخة أخرى «بكل لسان» رواه هكذا في تفسير البرهان ١ : ٥٢٠.