في مثلثه ، ومن بلغ في نفسه منذرا ، وبلغه هذا الوحي ، وذلك من ميزات القرآن أن يجمع معاني عدة بلفظ واحد يتحملها (١).
إذا فالبالغ بالقرآن ينذر به وذلك بعد بلوغه وبلوغ القرآن إليه ، والبالغ عقل التكليف ينذر به ، والبالغ إليه القرآن وهو بالغ منذر به فمنذر به ، فلا
__________________
(١) و «بلغ» فاعلا ومفعولا لازما ومتعديا تعني المعاني التالية : من بلغ مثلي ، أم تلى تلوي ، من بلغ مبلغ العقل وبلغه القرآن ثم بلغ بالقرآن ، فشرط الإنذار بالقرآن هو البلوغ به مبلغ الرسول (ص) قدر المستطاع ، وشرط المنذر بلوغ حد التكليف ، فهنا احتمالات في جملتي هذه الجملة ، الصالحة منها معنية وغيرها غيرها.
ف «كم» قد تعني خطاب الحاضرين من أم القرى ، أم كافة المكلفين ممن حولها ، و «بلغ» عطفا على المفعول قد تعني بلوغ المعرفة وجاه قوم لد في الوجه الأول من الخطاب ، فهم البالغون مختلف مدارج العقل والعلم والمعرفة ، ما بلغوا ، لمحة إلى أن القرآن لا يغتنم المجاهيل لأنهم يقبلونه بجهلهم ، بل من بلغ ما بلغ.
و «بلغ» اللازمة في هذا الاحتمال قد تعني معه بلوغ عقل التكليف ، وبلوغ حالة التقبل للحق ، ثم هي المتعدية «بلغه» بين بلوغ نبإ القرآن إليه ، أو بلوغه نفسه إليه ، أو بلوغه ـ إذا ـ بذلك البلوغ ، وهذه احتمالات ست في الأولين تصبح اثنى عشر.
ثم «بلغ» عطفا على الفاعل قد تعني نفس الاحتمالات الست فهي مضروبة على الأولين اثنى عشر آخر فالمجموع اربعة عشرون.
وفي تقسيم آخر «من بلغ» فاعل أو مفعول والمفعول اما مفعول له أو بواسطة الجار بلغ إليه ـ فيه ـ به ـ واما بلوغ الفطرة أو العقل أو العلم أو المعرفة أو بالقرآن وهي مضروبة على وجهي «كم» خمسون ، وقد تعني «كم» في «لأنذركم» هؤلاء القوم اللد المجاهيل ، ولكيلا يظن اختصاص الدعوة القرآنية بهؤلاء المنحطين ثناهم ب «من بلغ» عقليا وعلميا مهما كان عليا غاليا ولا على قمم العصمة البشرية فطرية وعقلية وعلمية.
ف «من بلغ» في احتمالات كثيرة على وجهي الفاعلية والمفعولية وعلى وجهي اللزوم والتعدية ، بلوغا في نفسه في أية مرحلة من درجاته وبلوغا إليه وبلوغا به.