نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) (٤٦ : ٢٩).
فالمستمع القول له أذن واعية صاغية ، والمستمع «إلى» هو من الصّمّ عن استماع الحق المبين : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ) (١٠ : ٤٢) (جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً. نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً) (١٧ : ٤٧).
وهنا أكنة القلوب ألّا تعي القرآن ، ووقر الآذان ألّا تسمع مهما استمعت ، هما من الجزاء الوفاق يوم الدنيا (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) استدراجا فيما هم درجوا فيه من ضلال ، ضلالا على ضلال.
فالأكنة هي الأغلفة النفسية التي تحول دون تفتح القلوب المقلوبة بما قلبوها ، والوقر هو الصم الذي يحول دون آذانهم أن تؤدي واجب السمع إنسانيا.
فهذه نماذج شريرة من البشرية المعاندة التي (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) (٧ : ١٧٩).
فلما ترك هؤلاء الأوغاد المناكيد فقه قلوبهم وإبصار أعينهم وسمع آذانهم (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٢ : ٧).
أترى (قالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ) اعتذار صادق بما ختم الله عليها فهم يحتجون؟ كلّا وإنّهم محجوجون بما أجابهم الله (بَلْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ) (٢ : ٨٨).