فقد تقدم حبّه إياهم على حبهم إياه ، مما يدل على بالغ الحب.
ذلك ، وفي أخرى (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) (٣ : ٣١).
فلا نجد في سائر القرآن يجتمع الحبّان ويتقدم فيهما حب الله ، اللهم إلّا في (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) (٥٨ : ٢٢) ولكنهم كانوا مع النبي (ص) حين نزلت آيتنا وقد سوّف الله الإتيان بهذا القوم الذين يحبهم ويحبونه ، فهم ـ إذا ـ أفضل منهم.
أجل (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) يحبونه كما يحب أن يحبوه ، وحب الله ـ هكذا ـ لعبد أو قوم أمر لا يقدر على إدراكه أحد إلّا العارف بالله على عظمه وغناه ، والعارف بقمة العبودية التي تستجلب مستقطبة حبّ الله قبل أن يذكر حبهم إياه ، وذلك اتجاههم في سلوكهم إلى الله ومع الله.
وأما مع المؤمنين بالله والكافرين به ف ٣ ـ (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ٤ ـ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) فهم على عزتهم في أنفسهم «أدلة على المؤمنين» وهنا «على» تلمح برحمة عالية للعزيز في نفسه على المؤمنين بالله خفضا لجناحه لهم وتليّنا معهم ، فهم من أفاضل الذين مع الرسول (ص) فيما الله يقول : (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) (٤٨ : ٢٩) فحيث لا تعني «معه» معية في لغة أو قرابة أو زمان ، بل هي المعية المتحللة عن كل هذه وتلك ، مجرد المعية الرسالية في أي زمان أو مكان ، من قريب إليه في لغة أو نسب أو سبب أو مكان أو زمان ، أم غريب.
إذا ف (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) ـ «رحماء أعزة على الكافرين» «أشداء» هم أفاضلهم الذين سوف يأتي الله بهم ، مهما كان زمن الرسول (ص) منهم اشخاص ، إلّا أن «قوم» هم جماعة خاصة.
وقد تكون «أذلة» هنا جمع الذّل وهو اللطافة والليونة والسماح كما