ومنه إخفاء الحق على المستضعفين وإظهاره مظهر الباطل ف (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) (٢ : ١٥٩) ومنه ما كان يخفيه المنافقون من باطن الكفر متظاهرين بالإيمان (يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ) (٣ : ١٥٤) وعلى الجملة (بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ) من سيئات أو من الحقائق يوم الدنيا ، وما كانوا يخفون يوم الدين من إشراكهم ، وما كانوا يخفون من أعمالهم زعما أنها لا تبقى ، فإنه (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ) (٣ : ٣٠) فقد تشمل «يخفون» كل إخفاء شرير عن أنفسهم أو غيرهم أم عن الله في زعمهم ، فلا تخفى يومئذ خافية إذ تبدى السرائر.
(وَلَوْ رُدُّوا) ومحال أن يردوا إلى حياة التكليف (لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) لا «إلى ما نهوا عنه» ـ فقط ـ من سيئات ، بل لكان عودهم لما نهوا عنه حتى يستزيدوا من عنادهم ، فللّام هنا دور حاسم لمتخيل إيمانهم وصالحاتهم ، أن ردهم لا ينتج إلّا عودهم لهدف استزادة واستدامة ما نهوا عنه (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ).
أجل «وإن الله ليعلم ما لو كان كيف هو كما يعلم ما كان وما يكون وما هو كائن فإنه بكل شيء عليم» (١).
وترى إذا كانت الرجعة إلى حياة التكليف مستحيلة ـ إذا ـ فما هو دور الرجعة في دولة المهدي عليه السلام؟.
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٧٠٩ في عيون الأخبار باسناده الى الحسين بن بشار عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (ع) قال : سألته أيعلم الله الشيء الذي لم يكن أن لو كان كيف يكون؟ فقال : ان الله تعالى هو العالم بالأشياء قبل كون الأشياء قال عزّ وجلّ : إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ـ وقال لأهل النار : ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون ـ فقد علم الله عزّ وجلّ انه لو ردهم لعادوا لما نهوا عنه.