واجهة تضادها يوم النشور :
(وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ قالَ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ)(٣٠) :
هناك (إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) في دار القرار بعد ما استغفلوا عنها في دار الفرار ، وهنا (إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ) وقوفا على حقه بربوبيته التي قضيته الضرورية عدلا وفضلا ورحمة منه إرسال الرسل وإنزال الكتب وإقامة يوم الحساب.
(وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ) شاءوا أم أبوا ولات حين فرار أو إنكار ، بعد (إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ) يوم الدنيا وهم منكرون ، وأين وقوف من وقوف؟!.
والوقوف على الرب وقوفا على ربوبيته هو من لقاء الله ، فهو يوم الدنيا فرض هيأ الله أسبابه ، ثم هو يوم الأخرى لا مرد عنه ، ولكنه باستثناء القرب الزلفى ، حيث الكافر ـ هناك ـ بعيد عن الله كما هنا ، والمؤمن قريب إليه هناك كما هنا وفيه مزيد وكما وعد (وَلَدَيْنا مَزِيدٌ).
(... أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ)؟ وقد وقفتم الآن عليه ، وكنتم واقفين من ذي قبل ولكنكم كذبتم به جاحدين : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا).
(قالُوا بَلى وَرَبِّنا) الذي وقفنا عليه الآن مهما كنا به كافرين (قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ).
ذلك وليس الوقوف على الرب هنا أو هناك حيطة عليه علمية ومعرفية فضلا عن الحسية ، إنما هو الوقوف على ربوبيته قدر المستطاع هناك ، كما هو المفروض هنا ، فمعرفة الله وعبادته والزلفى إليه كلها وقوف على الرب دون إيقاف على حيطة مّا في أي حقل من حقولها ، ف (لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) و (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ).