ومهما كان الوقوف على الرب بربوبية التكليف والجزاء هنا في غطاء وغشاء ، فليس للوقوف عليه هناك غشاء وغطاء (فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ).
وهناك مصبّ الوقوف على ربهم هو ربوبية الجزاء ، كما تلمح لها (أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ).
وترى كيف يكلمهم الله هناك : أليس هذا بالحق؟ (وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٢ : ١٧٤)؟!.
التكليم الرباني المنفي هو الذي فيه تزكية لهم ورحمة وهو من ثوابهم وزلفاهم ، وأما تكليم التنديد وهو من عذابهم فهو وارد ورد العذاب الشديد.
(قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ)(٣١) :
هنا وفي عديدة أخرى (بِلِقاءِ اللهِ) وهناك في أخرى «لقاء الرب» وطبعا كما هما مشتركان في أصل المعني من اللقاء قد يختلفان في قسم من حواياه وزواياه وبينهما عموم مطلق (١).
ومن الضروري في هذا البين أن لقاء ذاته تعالى مسلوب على الإطلاق إذ لا حد له ولا زمان ولا مكان ولا حلول ولا اتحاد في الذات ، فلقاءه لنا معرفيا بمعنى إدراكه والحيطة العلمية أو المعرفية به ، إنه مستحيل حيث المحدود لن يحيط باللّامحدود بأية حيطة.
__________________
(١) من لقاء الله الوقوف على الرب بربوبيته وقوفا معرفيا قدر الإمكان وكما تدل عليها الآيات آفاقية وأنفسية ، وقد يلاقي الله بألوهيته دون ربوبيته ولكن لقاء ربوبيته يلازم لقاء ألوهيته من ذي قبل.