نَصْرُنا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ)(٣٤) :
فإنّما الزاد والراحلة في طريق الرسالة الشائكة المليئة بالعقبات والعقوبات ، إنّما هو مواصلة الدعوة والصبر القوة والصمود ـ دون صبر الذلة ، التخاذل ـ (عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا) فإن الله كافل لفلاح الدعوة إذا الداعية يحقق الدعوة كما يرام.
(فَصَبَرُوا ... وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا) في جنبات من الدعوة للداعية والذين معه ثم (وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ) الحاملة لوعده نصرا للصابرين في سبيله ، الماضين في دعوته ، كما (لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ) الدالة عليه تكوينية وتشريعية ، فلما ذا الحزن ـ إذا ـ على تكذيبهم بآيات الله وهي قويمة مستقيمة لا تنمحي بما يمحون ولا تنقضي بما يقضون!.
فيا سالك سبيل الهدى وتارك سبيل الردى «إنّ من صبر صبر قليلا وإن من جزع جزع قليلا ، عليك بالصبر في جميع أمورك فان الله عزّ وجلّ بعث محمدا (ص) فأمره بالصبر والرفق فصبر حتى نالوه بالعظائم ورموه بها فضاق صدره فأنزل الله عزّ وجلّ : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) ثم كذبوه ورموه فحزن لذلك فانزل الله عزّ وجلّ ... فإنهم ...» (١).
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٧١١ عن اصول الكافي عن حفص قال قال لي ابو عبد الله (ع) يا حفص : ان من صبر ... ـ ثم قال لي : عليك بالصبر ..
وفيه (٧١٢) عن روضة الكافي عن حفص المؤذن عن أبي عبد الله (ع) في رسالة طويلة الى أصحابه : أنه لا يتم الأمر حتى يدخل عليكم مثل الذي دخل على الصالحين قبلكم وحتى تبتلوا في أنفسكم وأموالكم وحتى تسمعوا من اعداء الله أذى كثيرا فتصبروا وتعركوا بجنوبكم وحتى يستذلوكم ويبغضوكم وحتى يحملوا عليكم الضيم فتحتملوه منهم تلتمسون بذلك وجه الله والدار الآخرة وحتى تكضموا الغيظ ـ