ولماذا الوقوف عند شهوات الناس ورغباتهم وهم أولاء الأكارم حياتهم مكرسة في سبيل الله ، فإنما يخاف لومة لائم من يستمد مقاييسه من أهواء الناس ويستمد حياته من حياة الناس.
وأما الراجع في مقاييسه إلى الله لتسيطر على هواءه وأهواء الناس ، ويستمد قوته وعزته من قوة الله وعزته ، فما يبالي ـ إذا ـ بما يلوم الناس.
ذلك ، وهذا التعبير : (لا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ) منقطع النظير في القرآن بحق المجاهدين في سبيل الله فلا تجده إلّا هنا.
(ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) فضل فضيل لهؤلاء القوم الذين سوف يأتي الله بهم ، ثم ورذل رذيل لمن يقابلهم في جهادهم وسبيلهم إلى الله.
فمن هؤلاء القوم الخصوص الذين سوف يأتي الله بهم جبرا لكسر المؤمنين أمام المرتدين عن الدين ، وانجبارا لخاطر الرسول (ص) الخطير؟.
فهل إنهم شواذّ من أشخاص خصوص كانوا مع الرسول وقد تربوا بتربيته الخاصة الخالصة الراسّة كالإمام علي (ع) (١) وأتباعه مثل سلمان
__________________
(١) تفسير البرهان ١ : ٤٧٩ في نهج البيان المروي عن الباقر والصادق عليهما السلام ان هذه الآية نزلت في علي (ع).
ومن طريق إخواننا في كتاب العمدة لابن بطريق ص ١٥١ عن الثعلبي في تفسير الآية قال : علي بن أبي طالب (ع) ، وروى الحاكم في المستدرك ٣ : ١٣٢ بسند متصل عن عمرو بن ميمون قال : اني لجالس عند ابن عباس إذ أتاه تسعة رهط فقالوا يا ابن عباس إما أن تقوم معنا وإما ان تخلو بنا من بين هؤلاء قال فقال ابن عباس بل أنا أقوم معكم ـ الى أن قال ـ : فجاء ينفض ثوبه ويقول : أف وتف في رجل له بضع عشرة فضائل ليست لأحد غيره وقعوا في رجل قال له النبي (ص) ـ