بإصرار أن يأتيهم بآية يتطلبونه حتى يؤمنوا (١) ، ولأن إيتاء الآية المقترحة غير صالح كما يعلم الله ، و (إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ) (٣٩ : ٥٠) لذلك فقد يعرض الله عليه ـ كمعترض ـ أن يأتيهم بآية بنفسه ، إعلاما بأمرين اثنين في جو عدم المصلحة لإتيان آية : أن الآيات مختصة بالله ، وأن السماء والأرض هما المجالان والمخرجان لإتيان آية ، فمن الأرض آية أرضية: (فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ) ومن السماء آية سماوية : (أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ).
ثم ولا يريد الله ليحملهم على الهدى تسييرا ، وإنما مسايرة باختيار دون تسيير بإجبار ، سواء أكان دون أيّة آية أن يقلب أفئدتهم إلى الهدى ، أم وبآيات يقترحونها أن يكون الله عند مقترحاتهم الطائلة التي لا طائل نحتها إلّا أعذارا قاحلة جاهلة و (لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ. إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ. وَما يَأْتِيهِمْ
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٧١٣ عن تفسير القمي في روآية أبي الجارود عن أبي جعفر عليهما السلام في الآية قال كان رسول الله (ص) يحب إسلام الحرث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف دعاه رسول الله (ص) وجهد به أن يسلم فغلب عليه الشقاء فشق ذلك على رسول الله (ص) فأنزل الله : (إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ ..).
أقول : مهما كان الايمان بالله محبوبا لله كما الجمع على الهدى ولكنه ليس ليجمع الناس على الهدى دون اختيار وكما في كتاب المناقب باسناده إلى سلمان الفارسي عن النبي (ص) حديث طويل يقول فيه : يا علي ان الله تبارك وتعالى قد قضى الفرقة والاختلاف على هذه الأمة فلو شاء الله لجمعهم على الهدى حتى لا يختلف اثنان من هذه الأمة ولا ينازع في شيء من امره ولا يجحد المفضول لذي الفضل فضله.
وفي تفسير الفخر الرازي ١٢ : ٢٠٧ المروي عن ابن عباس ان الحرث بن عامر أتى النبي (ص) في نفر من قريش فقالوا : يا محمد ائتنا بآية من عند الله كما كانت الأنبياء تفعل فانا نصدق بك فأبى الله ان يأتيهم بها فأعرضوا عن رسول الله (ص) فشق ذلك عليه فنزلت هذه الآية.