ومن الاحتضار بعد الإياس عن تلك الاحتمالات المختلفة المتخلفة عن شؤون الفصاحة والبلاغة القول إن (وَهُمْ راكِعُونَ) لا يعني غاية الخضوع والتسلم لله ، حيث الركوع في مصطلح القرآن والسنة هو الهيئة الخاصة لركن خاص من الصلاة ، ولا يعبر عن غاية الخضوع والتسليم إلّا بها أم بالسجود حيث هو في وجه عام غاية الخضوع.
ثم (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) هنا هم (الَّذِينَ آمَنُوا) كما هناك ، فهم المعهودون في آية الولاية ، (فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ) وهم المتولون الله والآخرين (هُمُ الْغالِبُونَ) على كافة الأحزاب المختلفة عن هذه الولاية الخاصة المنحصرة المفروضة على حزب الله.
ذلك ، فكل خبر أو نظر يخالف المعنى الظاهر من هذه الآية معروض عرض الحائط(١).
__________________
(١) في الاحتجاج للطبرسي في رسالته أبي الحسن الثالث علي بن محمد الهادي عليهما السلام الى اهل الأهواز حين سألوه عن الجبر والتفويض قال : اجتمعت الأمة قاطبة لا اختلاف بينهم في ذلك ان القرآن حق لا ريب فيه عند جميع فرقها فهم في حالة الاجتماع عليه مصيبون وعلى تصديق ما انزل الله مهتدون لقول النبي (ص) لا تجتمع امتي على ضلالة فأخبر ان ما اجتمعت عليه الأمة ولم يخالف بعضها بعضا هو الحق ، فهذا معنى الحديث لا ما تأوله الجاهلون ولا ما قاله المعاندون من ابطال حكم الكتاب واتباع احكام الأحاديث المزورة والروايات المزخرفة واتباع الأهواء المردئة المهلكة التي تخالف نص الكتاب وتحقيق الآيات الواضحات النيرات ونحن نسأل الله أن يوفقنا للصلاة ويهدينا إلى الرشاد ، ثم قال : فإذا شهد الكتاب بصدق خبر وتحقيقه فأنكرته طائفة من الأمة عارضته بحديث من هذه الأحاديث المزورة فصارت بإنكارها ودفعها الكتاب ضلالا ، وأصح خبر مما عرف تحقيقه من الكتاب مثل الخبر المجمع عليه من رسول الله (ص) قل : اني مخلف فيكم خليفتين كتاب الله وعترتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض واللفظة الأخرى ـ