ومعهم المستضعفون الذين لا يعلمون الكتاب إلّا أماني ، قاصرين عن ذلك الإيمان الإسلامي الذي هو قضية الإيمان الكتابي السليم (١).
والنقمة هي الإنكار بقال أم حال أم أعمال ، ولقد جمع أهل الكتاب ثالوث النقمة منا ، وقد تندد (ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ) بديلة عن «ما أنزل إليكم» تندّد بهم كأنه ما أنزل إليهم إذ عاملوا كتبهم معاملة النكران بكفر أو كفران
ولأن كلا من أهل الكتابين لهم تفرقات بين رسل الله وشرائعه ، فالجمع بين الإيمان بالله ورسله وكتبه ككل ، يناحر سيرتهم المتخلّفة ، إضافة إلى انحرافهم في كلّ من زوايا الإيمان الثلاث ، فهم ـ إذا ـ كافرون بها جمعا وإفرادا ، فلو كانوا يؤمنون بالله إيمانا سليما لكانوا مؤمنين بكل رسالاته وكتاباته دون تفريق ، ولو كانوا يؤمنون بما أنزل إليهم لكانوا ـ بأحرى ـ مؤمنين بهذا القرآن العظيم ، فإن سلسلة الرسالات الربابية بكتاباتها سلسلة واحدة موحدة ، رسالة واحدة من إله واحد لاتّجاه واحد يحملها كل رسل الله مهما اختلفت شرائعهم في بعض الطقوس ابتلاء ف (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ ..) (٥ : ٤٨).
(قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٢٩٤ ـ اخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال أتى رسول الله (ص) نفر من يهود فيهم أبو ياسر بن أخطب ونافع بن أبي نافع وغازي بن عمرو وزيد بن خالد بن أبي إزار وأسقع فسألوه عمن يؤمن به من الرسل قال : (آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته وقالوا : لا نؤمن بعيسى فأنزل الله (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ ..).