(وَإِذا جاؤُكُمْ) أنتم المؤمنين هؤلاء الناقمون منكم (قالُوا آمَنَّا) نفاقا عارما وشقاقا خارما ، تجسسا فيكم لا تحسسا لكم (وَقَدْ دَخَلُوا) هكذا في ظاهر الإيمان الإقرار «بالكفر» كما (وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ) فدخولهم في ظاهر الإيمان كخروجهم ليس إلّا «بالكفر» مهما كانوا يكتمون (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ) كما ويعلمكم بحالهم حتى تأخذوا منهم حذركم وترقبوهم داخلين وخارجين (١).
وذلك النفاق العارم من أهل الكتاب كان ويكون على مر الزمن يقصد من وراءه إضافة إلى التجسس عن خبايا المسلمين البلبلة فيهم وكما يقولون (آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٣ : ٧٢) بسبب ذلك التشكيك اللئيم.
(وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)(٦٢) :
«ترى» أنت الرسول (ص) و «ترى» أنت المخاطب بالقرآن أيا كنت من المسلمين وأيان (تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ) أولاء الناقمين منكم (يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ) ثالوث من العصيان الجاهر المائر (لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
فالإثم هو كل ما يبطئ عن الخير والثواب ، فالمسارعة فيه والسباق إليه سباق ومسارعة في سد أبواب الثواب وفتح أبواب التبات.
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٢٩٥ ـ اخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية (وَإِذا جاؤُكُمْ ..) قال أناس من اليهود وكانوا يدخلون على النبي (ص) فيخبرونه انهم مؤمنون راضون بالذي جاء به وهم متمسكون بضلالهم وبالكفر فكانوا يدخلون بذلك ويخرجون به من عند رسول الله (ص).