بالقرآن لمكان البشارات المتظافرة فيهما بحق القرآن ونبيه.
وليس يختص هنا وعد الرحمة على ضوء إقام الكتاب بالمذكورين ، فليس ذكرهم إلّا لأنهم أهم الكتابيين الموجودين زمن نزول القرآن ، وإلّا فقد تعم الرحمة الموعودة أهل القرى كلهم على ضوء الإيمان والتقوى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٧ : ٩٦).
فتواتر الرحمة الربانية من السماء والأرض هو طبيعة الحال بما وعد الله للذين آمنوا بالله واتقوا ، (لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) حيث تعني لباس الرحمة من كل الجوانب لهم ، والأكل هنا يعني كل الحاجات المعيشية فهو سعة الرزق ورفاهة العيش كما يقال : فلان مغمور في النقمة من قرنه إلى قدمه.
كما وأن (ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) (٤٢ : ٣٠) فقد (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٣٠ : ٤٢) معاكسة النتيجة عند معاكسة الأعمال (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى).
ذلك و (مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ) حيث يقيمون كتابات السماء دونما تدجيل وتأويل (وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ) حيث يعيشونها في أهواءهم ورغباتهم بكل تأويل وتدجيل.
وهنا يجمع الله بين بركات الآخرة والدنيا على ضوء الإيمان والتقوى لأهليهما كتابيين أو مسلمين ، فللآخرة (لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ) وللدنيا كما تلائم الآخرة : (لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) وهكذا يدعو عباد الله الصالحين : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ. أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا