خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (٨٥) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) (٨٦)
(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ)(٦٧) :
آية التبليغ هذه هي من معتركات الآراء بين الفريقين المسلمين ، هل هي تبليغ ما أنزل إلى الرسول (ص) ككل؟ أم كبعض مما أنزل إليه ونحن لا نعرفه؟ أم هي تحمل أمر التبليغ لولاية الأمر بعد الرسول (ص) (١).
وهذه الآية نفسها ، ودون النظر إلى ملابسات نزولها ـ العدة ـ تدلنا إلى المعنيّ منها صارحة صارخة ، حين تكون النظرة مجردة عن ملابسات متعوّدة وقضايا مذهبية وزوايا العصبية ، فكما الله مستقل بذاته في ألوهيته ، كذلك كتابه مستقل في دلالته في دعوته.
فترى ماذا يعنى هنا من (ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) وهي من أخريات ما نزلت في المائدة وقد نفض الرسول (ص) يديه عن تبليغ الرسالة الإسلامية بكل أصولها وفروعها ، فلم يبق إلّا أن يرتحل إلى جوار رحمة ربه ، نافضا يديه عن كل ما كان عليه؟ اللهم إلّا ..
عناية كل (ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) برمتها تحوّل الآية إلى تهديد السلب بالسلب : «وإن لم تبلغ ما أنزل إليك فما بلغت ما أنزل إليك» توضيح
__________________
(١) ذكر الفخر الرازي وجوها عشرة عاشرها الذي لم يرض بها تماما هو انها نزلت بحق الامام علي (ع) رغم أن الوجوه التسعة قبلها لا تناسب دلالة الكتاب والسنة ، بل هي وجوه مخترعة لتسد عن الوجه الوجيه لمنزل الآية.