بمن تعول أمك وأباك وأختك وأخاك وأدناك فأدناك (١).
ثم ولا يخص الإيتاء إيتاء المال بل ومطلق الإحسان كما تتطلبه الظروف والحاجيات : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ...) (٤ : ٣٦) ، فإذا لا تستطع إيتاء ماليا لليتامى والمساكين فأحسن إليهما في مواجهة أو توجيه بإحسان (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ. وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ).
وترى الإيتاء الإحسان واجب مالي أو حالي كسائر الواجبات ، نفقات ام ماذا؟ قد يقال : لا ـ اللهم إلا إحسانا بالوالدين ، إذ لم يفت به الفقهاء! ولكنه كيف لا؟ والله يأمرنا بها : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى ....) (١٦ : ٩٠) ويأمر بإيتاء من سواهم والإحسان إليهم مهما كان في حق معلوم كما في نفقات أم غير معلوم كما هنا وهناك.
ثم وإيتاء الحق ماليا له حدود واجبة واخرى راجحة ومن ثم محرمة ليس حقا وهو الإيتاء أم ماذا من صرف المال تبذيرا ، فمهما كان إيتاء حق واجبا أم راجحا فالإيتاء تبذيرا محرم يجعل المبذر من إخوان الشياطين! (وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً. إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ).
وانها آية يتيمة منقطعة النظير في تحريم التبذير تحمل على وحدتها حملة قوية على المبذرين «انهم اخوان الشياطين» اخوة في شيطنة التبذير ، ثم لا نجد في سائر القرآن اخوة للشياطين إلا : (وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ) (٧ : ٢٠٢) (وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ١٧٧ ـ اخرج ابن أبي شيبة عن ثعلبة بن زهدم قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو يخطب : «يد المعطي العليا ويد السائل السفلى وابدأ بمن تعول ...