المستفادة من (مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ) دون «ممن» تطارد احتمال أن بني الإنسان كافة بعد نوح إنما هم من ذريته. (وَمَنْ آمَنَ) كانوا عقما! والرواية تحمل على المصداق الأوضح الأعرف ، وآية «الباقين» لا تعني ذريته الأولاد فحسب ، وإنما من ركب سفينة النجاة : (وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) (٧٦) يا ترى هم فقط ولده وبعض منهم لم يكن من أهله (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) (١١ : ٤٦) والمؤمنون القلة الذين ركبوا معه قد نجوا ، فأهله هنا هم كل من حمل معه ، وهم كلهم ذريته (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ) (٧٧) دون الهالكين : (ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) (٨٣) فالأولون هم أهله وذريته والآخرون هم الهالكون وإن كانوا من ذريته (١).
(وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً (٤) فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً)(٥).
قضاء صارم بفساد عارم الى بني إسرائيل طول التاريخ الاسرائيلي منذ البداية في الأرض مرتين تصحب أخراهما (عُلُوًّا كَبِيراً) ١ ـ فما هي القضاء؟ ٢ ـ وما هو الكتاب؟ ٣ ـ واين هي أرض الإفساد؟ ٤ ـ وما هما المرتان؟ والعلو الكبير؟ ٥ ـ ومن هم (عِباداً لَنا) حيث يجوسون في الأولى خلال الديار ، ويسوءون وجوههم في الثانية؟.
إن القضاء ككل ـ هي فصل الأمر ، وقد يختلف الأمر بفصله حسب
__________________
(١) فلو كان اهله وذريته ـ فقط ـ من نسله لكان الآخرون الهالكون هم الكافرون مع المؤمنين القلة الذين حملوا معه!.