الباطل كلما أرعد وأبرق وعربد لا يملك عقولا صافية وحقولا ضافية ، مهما ملك غاربة من سنخه وفي مجراه ، ولكنما الحق يملك عقولا وتنضج به عقول ، مهما عارضه من لا يعقلون!
لقد جاء الحق في القرآن (٢٥٤) مرة ولم يجيء الباطل إلّا (٢٦) مرة ، ولان دلائل الحق تحيط بنا وليس للباطل دلائل إلّا زورا وغرورا! (وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً) (١٨ : ٥٦) (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) (٢١ : ١) (وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ) (٤٠ : ٥٠)؟ (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ) (٢١ : ٢٤) لذلك (وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ) (٢٣ : ٧٠) :
(وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ) ليحق ويبقى (وَزَهَقَ الْباطِلُ) لان حقه الزهاق (إِنَّ الْباطِلَ كانَ) منذ وجد وفي أعماق الزمان والمكان «زهوقا» لاثبات له فلا مساك له ولا سماك لبنائه وإنما يبقى امتحانا وبلاء في دار البلاء (وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى) :
(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً)(٨٢).
القرآن كله شفاء ورحمة للمؤمنين ومزيد خسار للظالمين ، ولا تعني «من» تبعيضا في القرآن ، بل هو بيان لكيان القرآن أيا كان كما (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) فالرجس هو طبيعة الأوثان ، والشفاء والرحمة هما طبيعة القرآن ولكن لمن؟ «للمؤمنين»!
أترى إذا اختص القرآن في شفاءه ورحمته بالمؤمنين فما بال غيرهم يؤنّبون ويعذبون ولا يشملهم هدى القرآن؟ رغم انه (هُدىً لِلنَّاسِ