أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٧ : ١٨٨).
المشركون طالما يدعون أربابهم فلا يستجابون ، ولكنهم عند البأساء والضراء لا يدعون إلّا ربهم (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ) (٦ : ٤١).
ان الذين زعمتم من دونه آلهة وهم عباد صالحون :
(أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً)(٥٧).
«أولئك» ممن زعمتم من دونه آلهة هم أنفسهم «يدعون» (١) ربهم فكيف يدعون؟ (يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ) لاستجابة ما يدعون فكيف يبتغون؟ يدعون (أَيُّهُمْ أَقْرَبُ) ... ام (أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ)(٢) هم المشركون ـ هم «أنفسهم» يبتغون الى ربهم الوسيلة ... (أَيُّهُمْ أَقْرَبُ) يبتغي الوسيلة أكثر وآكد ، ام وسيلة أقرب ، فهم بالوسيلة الأقرب وأيّهم اقرب يبتغي الى ربه لكي يستجيب دعاءه ويقربه إليه ، فكيف يوصّلون ويتأصّلون في الدعاء وهم لأنفسهم يتوسلون إذ يدعون!.
ولقد امر الله عباده ان يبتغوا اليه الوسيلة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٥ : ٣٥).
هنا لك مثلث من الوسائل الى الرب ـ ١ ـ وسائل المعرفة فالعبادة أيهما
__________________
(١) هذا الوجه بناء على كون «الذين» خبرا ل «أولئك».
(٢) وجه ثان على كون «الذين» صنعة ل «أولئك ...».