الأطنان من هذه اللحوم الركام كالاتلال في ساحة منى ، مما يضحك الأعداء ، ويبكي او يشكك الأصدقاء.
فحين يحذّر القرآن عن السرف والتبذير و (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ! وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) (٧ : ٢٧) فهل من الممكن ان نؤمر في مؤتمر الحج وشعائره أمام العالمين ، ان نبذّر ذلك التبذير المنقطع النظير في تاريخ التبذير ، وأما منافي العالم الاسلامي بطون غرثى وجياع بالملايين الملايين لا عهد لها بالشبع ولا طمع لها في القرص؟!
وقد حصر القرآن مناسك الحج وشعائره في (مَنافِعَ لَهُمْ) ومنها لحوم الاضاحي ، فحصرت آياتها منافعها الظاهرة لكل العالمين في إشباع الفقراء والمساكين ، وكما يروى عن الرسول الصادق الأمين (صلى الله عليه وآله وسلم) «انما جعل الله هذا الأضحى لتشبع مساكينكم من اللحم فأطعموهم» (١) لا ليشبع أعداءنا أغنياء وفقراء من الضحك علينا في ذلك التبذير العامد ، او تشبع ديدان منى او سباعها من أكلها ، والسباع متنفّرة منها ، حيث لا تدنوا منها!.
هنا الآيات من نواحي شتى ، والروايات من أخرى ، تفرض علينا ان نطعم الفقراء الجياع من لحوم الأضاحي ، وإليكم درسا فصلا هنا وهناك ليشبع دعوانا من أدلتها كتابا وسنة ، اضافة إلى ادلة اخرى يعرفها كل ذي حجى :
«والبدن» جمع بدنة وهي الإبل البدين الثمين ـ كسائر الانعام ـ (جَعَلْناها لَكُمْ) : الحجاج (مِنْ شَعائِرِ اللهِ) شعائر حكيمة معقولة تعريفا
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٠ : ١٤٧ ح ٢٢ من لا يحضره الفقيه قال قال (صلى الله عليه وآله وسلم) ...